محمد بن عبد السلام.. عميد الأغنية المغربية الزجلية يرحل بصمت

غادرنا صباح اليوم الخميس، 9 يناير 2025، الملحن الكبير محمد بن عبد السلام عن عمر ناهز 94 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا غنيًا يشهد على عبقريته وإسهاماته الخالدة في تاريخ الأغنية المغربية.

 

مسيرة زاخرة بالعطاء

محمد بن عبد السلام، الملقب بـ”سيد الأغنية المغربية الزجلية”، وُلد عام 1930 في مدينة سلا تحت اسم محمد التواشي. نشأ في بيئة فنية ساعدت على صقل موهبته الموسيقية المبكرة.
بدأ مشواره الفني في الميتم البيضاوي، حيث تعلم العزف على العود والكمان، لينضم لاحقًا إلى الجوق الذي أسسه الفنان أحمد زنيبر. منذ خمسينيات القرن الماضي، أصبح أحد أبرز أعمدة الموسيقى المغربية، حيث أبدع نحو 250 عملًا موسيقيًا أثرت الساحة الفنية، غنتها أصوات مغربية وعربية بارزة مثل إسماعيل أحمد، عبد الوهاب الدكالي، نعيمة سميح، محمد الإدريسي، والتونسية علية.

أعمال خالدة تتجاوز الزمن

لم تكن ألحان محمد بن عبد السلام مجرد أغنيات عابرة، بل أعمالًا خالدة تعكس التراث المغربي وتلامس قلوب الأجيال المتعاقبة. من أبرز إبداعاته: “سولت عليك العود والناي” لإسماعيل أحمد، “البحارة” لنعيمة سميح، و”الظروف” لعبد الهادي بلخياط. كما شارك في أعمال وطنية متميزة مثل “المجد العربي” احتفالًا بانتصار حرب أكتوبر 1973، وقصيدة “صوت الأحرار” من كلمات الشاعر علال الفاسي.

بين الأصالة والتجديد

تميز بن عبد السلام بقدرته على المزج بين الموسيقى التقليدية والحديثة، مما جعله رائدًا في تطوير الأغنية المغربية. أسس جوق “الاتحاد السلاوي”، وقاد جوق المنوعات للإذاعة المغربية، وساهم في برامج إذاعية بارزة مثل “للأذن ذاكرة” و”سمر”.

قرار الاعتزال

في عام 1992، اضطر بن عبد السلام إلى اعتزال الفن بعد حادث سير مأساوي أقعده عن العمل. ورغم انسحابه من الساحة الفنية، ظلت ألحانه وبرامجه الإذاعية شاهدة على بصمته العميقة في المشهد الثقافي المغربي.

وداعًا لأسطورة الأغنية المغربية

برحيل محمد بن عبد السلام، تفقد الساحة الفنية المغربية رمزًا من رموز الإبداع الموسيقي. إلا أن إرثه الفني سيبقى حيًا في ذاكرة عشاق الأغنية المغربية، شاهدًا على مسيرة استثنائية لرجل جعل من الموسيقى رسالة وقضية.

حول الكاتب

One thought on “محمد بن عبد السلام.. عميد الأغنية المغربية الزجلية يرحل بصمت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قد تحب قراءة