في إطار جهود توثيق التراث الموسيقي المغربي، أتيحت لنا فرصة مميزة للقاء مع المجموعة الحمدوشية للدار البيضاء الكبرى برآسة الأستاذ عبد الحق عواد و تحت إشراف الأستاذ محمد مصباحي. كان هذا اللقاء نافذة للتعمق في تاريخ وأسرار هذا الفن العريق، الذي يجمع بين الموسيقى والروحانية في توازن فريد يعكس الغنى الثقافي للمغرب.
الطريقة الحمدوشية: تراث صوفي بموسيقى أصيلة
تُعتبر الطريقة الحمدوشية واحدة من أهم الطرق الصوفية بالمغرب، تمتد جذورها إلى قرون خلت. تتميز هذه الطريقة بإيقاعاتها القوية وأناشيدها العميقة التي تعبر عن أحاسيس روحانية وتتصل بوجدان المجتمع. الموسيقى الحمدوشية ليست فقط فناً بل هي جزء من الطقوس الدينية التي تهدف إلى الارتقاء بالروح والتقرب من الخالق.
قصص وتجارب تُحكى
خلال اللقاء، شاركنا أعضاء المجموعة قصصاً مشوقة عن نشأتهم في هذا الفن ودورهم في استمراريته. تحدثوا عن البدايات، عن القيم الصوفية التي تقوم عليها الطريقة، وعن مكانة الموسيقى في الطقوس، وكيف تُستخدم كوسيلة لتجديد العهد الروحي أيضا عن الآلات الموسيقية المستعملة مثل الهراز و الهجهوج…
قدم أعضاء المجموعة عرضا حيا من أذكارهم وأهازيجهم. تلك اللحظات لم تكن مجرد استماع إلى الموسيقى، بل كانت تجربة غامرة تعبر عن هوية عميقة وتاريخ طويل.
التحديات والآمال
أبرز أعضاء الطريقة الحمدوشية خلال النقاش العديد من التحديات التي تواجه هذا التراث، من بينها العولمة والتحولات الاجتماعية التي تؤثر على استمرارية مثل هذه الفنون. لكنهم أعربوا عن أملهم الكبير في المبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على التراث، مشيرين إلى الدور الحيوي الذي تلعبه منصات التوثيق والمجتمع مثل “ منصة حروف الآلة”.
موسيقى تحكي الروح المغربية
هذا اللقاء كان مناسبة استثنائية للتفاعل مع تراث موسيقي يعبر عن الهوية المغربية وعمقها الروحي. الموسيقى، كما عبر أعضاء الطريقة، ليست مجرد ألحان، بل هي وسيلة لتوصيل رسالة، لتوحيد القلوب، وللتعبير عن أصالة مجتمع مترابط.
كان هذا الحدث تأكيداً على أهمية التوثيق والعمل الجماعي في الحفاظ على الفنون التقليدية التي تعكس جوهر الأمة. ونحن في منصة “حروف الآلة”، سنواصل جهودنا لدعم هذه المسيرة، وتعريف الأجيال الحالية والقادمة بهذا الكنز الموسيقي الثمين.